فاعليّة التّراث وانعكاساته على الفنّ التّشكيليّ العمانيّ تجربة حسين عبيد أنموذجا
إن المتتبع لمسار الحركة التشكيلية العمانية، يجد أن بداياتها كانت متأخرة مقارنة ببقية الأقطار العربية حيث كانت انطلاقتها في النصف الثاني من سبعينات للقرن الماضي محتشمة وذلك مرده أن البلد قبل هذه الفترة كان يعيش تحت طائلة آثار الحرب العالمية الثانية التي جعلته في عزلة وانغلاق تام على نفسه باستثناء بعض الفنانين الذين مارسوا نشاطهم الفني خارج بلدهم من أمثال « رشيد عبد الرحمن البلوشي » والفنانة « رابحة محمود ». ومع سنة 1980 عرفت الحركة الفنية العمانية بدايتها الفعلية حيث تم إنشاء مرسم الشباب الذي دفع بالمشهد التشكيلي العماني لكي يخرج من جموده ويساعده على التطور والنمو. وبعد ذلك تأسست الجمعية العمانية للفنون التشكيلية سنة1993 لتكون بمثابة البيت الذي يحتضن المبدع العماني في مختلف مجالات الفنون التشكيلية كما أنّها دفعت بمسار الحركة الثقافية والفنية وسمحت في الآن ذاته بصقل طاقات الفنانين ودعمهم. ولا يخفى علينا أن مضمون اللوحة التشكيلية كان في الغالب مرتبطا بالشخصية الحضارية العمانية التي تكونت بالأساس من تعاقب وتوالي الحضارات عليها. فهي مزيج من الحضارة السومرية والفارسية…مما جعل الفنان العماني يرتبط ارتباطا وثيقا بواقعه وتاريخه وبالتراث المحلي لبلده ويتهافت على الأشكال المرئية لبيئته الصحراوية التي تميزت بوفرة النشاطات الإنتاجية المتمثلة في الصناعات الحرفية واليدوية المتمثلة في النسيج والزخارف النباتية المنقوشة والملابس والحلي والمخطوطات….إضافة إلى العمارة التقليدية والمدن القديمة ومواقع الآثار البيئية التي كانت تكسو الجدران القديمة إذ مثلت بالنسبة له محفزا لانبعاث فعله التشكيلي الذي انبثق من مخزون مادي جمالي تمتلكه البيئة العمانية وبالتالي تعزيز الانتماء للتراث العماني.