الأبعاد الفرجويّة في عرض الرّزحة
إشكاليّة البحث
نتناول بالبحث في هذا الدراسة الفرجة الشعبية العمانية من خلال نموذج الرزحة كشكل من أشكال فنون الأداء الحركي ذو الأبعاد الفرجوية، وتعتبر الرزحة من الأشكال الفرجوية الشعبية التي تتخذ من الشعر والرقص مادتين أساسيتين لتشكلها، وهي ممارسة واسعة الانتشار في مختلف مناطق السلطنة، لذلك سنسعى من خلال هذا البحث الوقوف عند ماهية الرزحة، وكيفية تشكلها، ومختلف العناصر الفنية المكونة لها.
المقدّمة
يقول العمانيون في لهجتهم أن فلانا رازح أي أنه شخص يتسم بالرصانة والحكمة والوقار، والرزحة تعدّ من الأشكال الفرجوية التي ترتبط في شكلها ومضمونها وغاياتها بالإنسان العماني في العمق، فهي بمثابة حلقة وصل بين ماضيه وحاضره وهي أيضا نافذة يطل من خلالها على المستقبل. لذلك نجد أن العماني يفتخر بالرزحة ويسعى للإقبال عليها والإلمام بمختلف تقنياتها، لأنها من أهم العروض الفرجوية الشعبية القادرة على توحيد العمانيين من خلال تجاوز كل الفوارق الاجتماعية والسوسيوثقافية التي تتميز بها السلطنة، لتصبح بمثابة ذلك الفضاء القادر على استيعاب هذه كل الاختلافات لتعتبر عن أهم سمات المجتمع العماني.
والرزحة هو الفضاء الأكثر رحابة واستيعابا لذلك التنوع الثقافي، وفي داخلها تنتفي كل الحواجز، إن هذه العروض تختلف في البعض من تفاصيلها باختلاف طبيعة وخاصيات المنطقة التي تمارس فيها، فهي تختلف بين المنطقة الشمالية والمنطقة الجنوبية للسلطنة وقد تجد أيضا بعض الفوارق البسيطة داخل نفس المنطقة وهو ما يساعد على مزيد ثرائها وتنوعها، فالرزحة من الأشكال الفرجوية التي يجتمع فيها الشعر بالرقص والموسيقى، كما تعتبر من أهم الفرجات التقليدية التي يتم الاستعانة بها لإحياء العديد من المناسبات الخاصة كالأعراس وحفلات الختان والأعياد الدينية والوطنية، ويلاقي هذا الشكل الفرجوي حظوة كبيرة في المجتمع العماني لما له من أثر كبير في توطيد العلاقات الاجتماعية والمحافظة عليها هذا إضافة إلى ترسيخ مفهوم تشبث الأجيال الحاضرة والقادمة بالماضي وما يحمل في طياته من مخزون ثقافي وإرث حضاري يساهم في دفع عجلة التطور في سياق تاريخي يشهد صراعا بين ثقافتين، ثقافة قديمة قوامها البساطة وثقافة جديدة قومها التطور على اختلاف أشكاله…